
بعد سلسلة الأزمات المتتالية التي شهدها لبنان خلال السنوات الخمس الأخيرة، فقد العديد من المواطنين ثقتهم بالمؤسسات العامّة، بما فيها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. غير أن هذه المؤسسة الوطنية الجامعة سعت بكلّ جهد إلى استعادة دورها وتحمّل مسؤولياتها الكاملة من خلال العمل الحثيث على إعادة التقديمات الصحيّة والاجتماعية إلى ما كانت عليه قبل الأزمة.
وقد أثمرت هذه الجهود المشتركة بين المدير العام د. محمد كركي ومجلس الإدارة واللجنة الفنيّة وجميع العاملين في الصندوق تحت إشراف ومتابعة حثيثة من قبل معالي وزير العمل د. محمد حيدر، عن نتائج جدّ إيجابيّة وملموسة.
فقد عادت التغطية الدوائية إلى نسبة تتراوح بين 80% و95%، وهي تغطّي معظم الأدوية المسجّلة في وزارة الصحّة العامّة (حوالي 4200 دواء).
كما ارتفعت نسبة التغطية الاستشفائية إلى 90% للأعمال الجراحية، سواء المقطوعة منها أو غير المقطوعة، والتي يجري العمل على تحديث لوائحها بشكل دوريّ.
وفي ما يخصّ الأعمال الجراحية المقطوعة، التزم المدير العام بصرف دفعات مالية دوريّة للمستشفيات، تُمنح كسلفات مالية وكدفعات توازي قيمة المعاملات المنجزة المقدّمة إلى الصندوق.
وفي هذا السياق، أصدر الدكتور محمد كركي بتاريخ 23 نيسان 2025 القرار رقم 351، قضى بموجبه صرف دفعة مالية جديدة للمستشفيات المتعاقدة مع الصندوق، على حساب معاملات الاستشفاء للأعمال الجراحية المقطوعة، بقيمة 22 مليار ليرة لبنانية، ليبلغ مجموع ما تم تسديده منذ مطلع عام 2025 عن هذه الأعمال حوالي 658 مليار ليرة. كما تم تسديد 409 مليار ليرة عن معاملات علاج مرضى غسيل الكلى، و263 مليار ليرة لتقديمات صحيّة تشمل المعاينات والدواء للمضمونين.
وبذلك، يكون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قد سدّد للمستشفيات، والأطباء، والمضمونين، ما مجموعه حوالي 1330 مليار ليرة لبنانية منذ بداية عام 2025 حتّى تاريخه، وبالتالي فإنّ تقديمات الصندوق شهدت تطوّراً كبيراً مقارنة مع مدفوعات العام الماضي، حيث أن مدفوعات الأشهر الثلاث الأولى من العام 2025 (1330 مليار ل.ل.) شكّلت أكثر من 75% ممّا تمّ إنفاقه في العام 2024 كإجمالي التقديمات الصحيّة (1745 مليار ل.ل.).
إن ما حقّقه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في الأشهر الأولى من العام 2025 يُعدّ خطوة نوعية على طريق استعادة دوره المحوري في حماية الأمنين الصحي والاجتماعي للبنانيين. وفي ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، تُجسّد هذه الإنجازات نموذجًا فعّالًا للعمل المؤسساتي الجاد، وتعكس إرادة حقيقية للنهوض بهذه المؤسسة الوطنية. ويبقى الأمل معقودًا على استمرار هذا الزخم، ومواصلة التعاون بين مختلف الجهات المعنية لتأمين الموارد الماليّة اللازمة للاستمرار في زيادة تقديمات الصندوق ولترسيخ الثقة مجددًا بالدولة ومؤسساتها، وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي لجميع اللبنانيين.