فتحي عفانة يكتب : إلى الله الملتجأ

      التعليقات على فتحي عفانة يكتب : إلى الله الملتجأ مغلقة
فتحي عفانة يكتب : إلى الله الملتجأ

إذا انطلقت السفينة بعيدًا بعيدًا في البحر اللُّجي، وهبت الزوابع، وتسابقت الرياح، وتلبد الفضاء بالسحب، واكفهر وجه السماء، وأبرق البرق، وأرعد الرعد، وكانت ظلمات بعضها فوق بعض، وهبت الأمواج بالسفينة، وذهبت عن القلوب السكينة، وأشرفت على الغرق، وتربص الموت بالركاب، فمن المؤمَّل؟! ومن الملجأ والملاذ؟! إنه الله لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه: (قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ) . ركب يونس البحر، فساهم فكان من المدحضين، فألقي في لجج البحار، وانقطع عنه النهار، والتقمه الحوت، فصار في ظلمات بعضها فوق بعض، فأين التجأ؟! وبمن اعتصم؟! لقد نادى في الظلمات: (لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)[الأنبياء: 87]. فسمع الله نداءه، وأجاب دعاءَه، فنجَّاه من الغم، وكذلك ينجِّي المؤمنين.

إن التسليم لله والتفويض إليه قبل وبعد فعل الأسباب المقدور عليها من شأنه أن يريح النفس من عناء لا طائل منه، ويربط على القلوب، فتجدها أثبت ما تكون في أوقات الأزمات والشدائد، وكيف لا يكون ذلك وهو يأوي إلى ركن شديد ورب مجيد؟! كم نحن بحاجة إلى اللجوء إلى الله في كل ما يعرض علينا من ظلم وعدوان، أو فقر وحرمان، أو مرض في الأبدان، أو غير ذلك مما لا يملك كشفه وإزالته إلا الله وحده . كم نحن بحاجة إلى اللجوء إلى الله في كل ما يعرض علينا من ظلم وعدوان، أو فقر وحرمان، أو مرض في الأبدان، أو غير ذلك مما لا يملك كشفه وإزالته إلا الله وحده: (قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ)[الأنعام: 14].

إذا حل الهم، وخيم الغم، واشتدّ الكرب، وعظم الخطب، وضاقت السبل، وبارت الحيل، فنادِ الربَّ بدعاء الكرب: “لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم”. عندها يفرج الهم، وينفس الكرب، ويذلل الصّعب. إذا أجدبت الأرض، ومات الزرع، وجف الضرع، وذبلت الأزهار، وذوت الأشجار، وغار الماء، وقلّ الغذاء، فمن المغيث إلا الله؟! لا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه. حين يتكالب الأعداء علينا، وتقوى شوكتهم، ويشتد أمرهم، وحين توجه الضربات تلو الضربات للإسلام وأهله، والمسلمون في حالة من الخذلان والضعف، فإنه لا ملجأ من الله إلا إليه، فهو يجير ولا يجار عليه.