استقبل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى الرئيس فؤاد السنيورة بحضور الوزير السابق الدكتور خالد قباني
وبعد اللقاء قال الرئيس السنيورة:
كعادتنا نأتي بين الحين والأخر الى هذه الدار الجامعة للمسلمين وللبنانيين للتشاور مع سماحة المفتي ولتبادل الأفكار معه في أحوال لبنان واللبنانيين التي تردت، ولا سيما بسبب ما الت اليه أحوال لبنان ودولته. ومن ذلك ما جرى من اطباق وتسلط عليه وعليها من قبل الدويلات الطائفية والمذهبية والمليشياوية واللذان أسهما في هذا الانهيار الكبير الحاصل في الأوضاع الوطنية والسياسية والاقتصادية والمالية والنقدية والمعيشية، والتي يئن منها اللبنانيون، والتي أوصلتهم الى حدود انعدام الثقة بالمستقبل، والتي كان أحد اوجهها ما يشهده اللبنانيون من قوارب الموت التي يستقلها البؤساء من اللبنانيين وغير اللبنانيين أملا في الخروج من الجحيم اللبناني لتبتلعهم أمواج البحر.
كذلك كان من مظاهرها العراقيل التي يشهدها اللبنانيون والتي حالت حتى الان دون تأليف الحكومة الجديدة من قبل الرئيس المكلف، الرئيس ميقاتي، لتحل محل حكومة تصريف الاعمال. وكذلك في استمرار حالة التخبط في عملية انتخاب الرئيس العتيد الذي ينبغي ان يحل محل الرئيس عون في نهاية تشرين الأول من هذا العام.
هذا الرئيس العتيد هو الذي نأمل ان يكون وحسب الدستور الرئيس الجامعَ للبنانيين وليس رئيساً لفريق من اللبنانيين، وهو الرئيس القوي بحكمته وتبصره والقادر على جمع اللبنانيين والقادر على ان يقود مع الحكومة العتيدة مسيرة الإصلاح الحقيقي وبالتالي النجاح في انهاء الاستعصاء المزمن على الإصلاح الذي عانى منه لبنان على مدى سنوات طويلة.
لقد كانت جلسة تشاور طيبة عقدناها مع سماحته حيث تداولنا سوية بمبادرته الى جمع عدد من النواب حاضاً إياهم على جمع كلمتهم من أجل الاسهام في عملية الانتخاب العتيدة التي يؤمل منها الاسهام في اخراج لبنان من أزْماته المتفاقمة. ولقد كانت مناسبة إضافية حيث أكدتُ لسماحته مجددا عن تقديري وتثميني لكلمته الوطنية الجامعة التي القاها في بداية ذلك الاجتماع مع النواب. ولقد عبَّرتُ له عن تقديري الكبير لكلمته عندما طالب ان يكون الرئيس العتيد، والذي هو الرئيس المسيحي للدولة اللبنانية، كما يتمناه اللبنانيون رمزُ وحدة الوطن ورمزُ العيش المشترك الذي يقوم عليه النظام اللبناني.
هذا الرئيس الذي ينبغي ان تكون من أولى مهامه الوطنية الكبرى، وكما اكد عليها سماحته الحفاظِ على ثوابت الطائف والدستور والعيش المشترك واحترام الشرعيات الوطنية والعربية والدولية وان يعمل على انهاء الاشتباك المصطنع الطائفي والمذهبي والانقسامي بشأن الصلاحيات وبالتالي العودة الى المبدأ الدستوري الأساس في فصل السلطات وتوازنها وتعاونها. وكذلك الاِّتصاف برجل الدولة ورجل العمل العام الشخصية والسياسية الذي تحكمه اخلاق المهمة واخلاق المسؤولية. الرئيس الجديد الذي يستطيع اللبنانيون ان يثقوا به لأمانته للدستور ولاتفاق الطائف والحفاظ على العيش المشترك وهوية لبنان العربية وسلامة علاقاته العربية والدولية. وان تكون النزاهة أحد صفاته وان يكون رئيسا لجميع اللبنانيين ولا يكون سبباً لمشكلة او سبباً في استمرارها.
هذا هو الامل الكبير الذي يعلقه اللبنانيون على انتخاب هذا الرئيس الواعد الذي مع الحكومة العتيدة سيشكلان الضمانة كما قال سماحته حتى لا نقع في المحظور ونتفاجأ باختفاء النظام ومن ثم اختفاء الدولة.
كلمة أخيرة فاني أرى انه يجب على الجميع جميع اللبنانيين ولا سيما جميع المسؤولين وان يدركوا المخاطر العميقة التي أصبح عليها وطننا والمجتمع اللبناني، وهو ما يقتضي بالجميع الارتقاء الى حدود المسؤولية الكبرى والامتناع عن الالتهاء بقشور المعالجات والتوجه الى معالجة جوهر المشكلات باستعادة حقيقية وسلمية للدولة اللبنانية في دورها وسلطتها وهيبتها وهو الطريق الذي نبدأ عبره في استعادة ثقة اللبنانيين بالغد وبالدولة وبالوطن وبالمستقبل.