رأى سماحة العلامة السيد علي فضل الله أن الحفاظ على مكتسبات التحرير يقتضي الوقوف على أرض ثابتة، مشيراً إلى أن تفاقم السقوط والانهيار الاقتصادي يجعل البلد برمته أسير الضغوط الخارجية والتداعيات الداخلية المتواصلة.
وقال سماحته في تصريح له حول ذكرى التحرير: لقد استطاع لبنان أن يشكل نموذجاً على مستوى العالم العربي والإسلامي في تحرير الأرض وطرد الاحتلال الصهيوني الذي خرج ذليلاً من دون أن يحصل على شيء من الشروط التي كان وضعها على مدى سنوات الاحتلال كلها، حيث أثخنت المقاومة الجراح فيه، وبات العدو يخشى من استنزاف جيشه بسب الخسائر الكبيرة التي تلحق به، جراء استمرار عمليات المقاومة والتي كانت تتواصل وبوتيرة متصاعدة ضده.
أضاف: إن العدو الذي كان يبحث عن نقطة ضعف أساسية في الداخل اللبناني، والذي كان يعوّل على فتنة طائفية في الجنوب تغطي انسحابه وهروبه أخفق في تحقيق هذا الهدف بالنظر إلى وعي المقاومة والناس وإدارة المواجهة بطريقة حكيمة في لحظات الانسحاب وما بعدها، ما حقق للبنان قوة غير مسبوقة، لكنه سرعان ما تم تهديد هذا الإنجاز الكبير من خلال الإدارة السياسية والمالية السيئة التي جعلت الفساد يتحكّم بالجسم اللبناني الذي سرعان ما تحول ــ مع السنوات ــ إلى جسم مهترىء وضعيف، تحاول القوى الخارجية المعادية التحكم به من خلال الضغوط الخارجية ودفع اللبنانيين نحو القبول بالكثير من الشروط التي قد تتصل بحقوقهم وثرواتهم ومستقبلهم… ولذلك كنا ولا نزال نعتقد بأن الفساد هو شريك موضوعي للاحتلال، وأن البلد ما لم يتحرر من الفاسدين سيبقى رهيناً لما تريده القوى الخارجية التي تريده ضعيفاً أمام العدو ولا تنظر إليه إلا من نافذة مصالحها.
إننا، في ذكرى التحرير، نؤكد على ثابتتين أساسيتين: الوحدة الداخلية والتي لا يمكن للبلد أن يستمر ويتمرد على ضغوط الخارج بعيداً منها، والإسراع في وضع قواعد الإصلاح والعمل بها بعد عملية الاستهلاك القاتلة للوقت التي أكلت رصيد البلد على مختلف المستويات.. وخصوصاً أننا بتنا أمام مرحلة سوداوية وصعبة لا يمكن الرهان فيها على الكلمات المنمقة وعلى الترف السياسي في ظل وصول البلد إلى الهاوية على المستويات الاقتصادية والاجتماعية كافة، وبالتالي فإننا نحذر من أن افتقادنا للأرض الثابتة والصلبة اقتصادياً ووحدوياً ووطنياً قد يفقدنا مكتسبات التحرير الكبرى التي تمثل أمانة للوطن وللأجيال وللعالم العربي والإسلامي وحتى لكل الأحرار في العالم.