ألقت وزيرة الخارجية ليز تراس كلمة مهمة في مانشن هاوس في لندن مساء يوم الأربعاء 27 نيسان دعت فيها إلى إعادة التفكير بمقاربة العالم الحر تجاه التصدي للمعتدين العالميين، وذلك في ضوء الأزمة الأوكرانية.
فيما يلي مقتطفات من كلمة وزيرة الخارجية والتي استهلتها قائلة:
“في مواجهة الهمجية المروعة وجرائم الحرب، والتي كنا نأمل أن صفحات التاريخ قد طوتها، اتحد العالم وراء أوكرانيا وكفاحها الشجاع لأجل الحرية وتقرير لمصير.
“وهذا الوقف الجديد حيال الأمن العالمي أثبت خطأ كل من يعتقد بأن باستطاعته الانتصار عن طريق ممارسة القمع أو الإرغام أو الغزو – هذا الموقف يسعى ليس فقط للردع، بل أيضا لضمان فشل المعتدين.
“لا يمكننا التهاون – فمصير أوكرانيا على المحك. ولنكن واضحين – إذا نجح بوتين، فسوف نرى المزيد من البؤس الذي لا يوصف في جميع أنحاء أوروبا، وعواقب وخيمة في كل أرجاء العالم.”
تقويض الهيكليات العالمية
“الهيكليات الاقتصادية والأمنية التي تطورت في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ثم بعد الحرب الباردة، قد تقوضت أسسها حتى الآن لدرجة أنها أتاحت العدوان بدل احتوائه. حيث روسيا قادرة على منع أي إجراء فعال في مجلس الأمن. وبوتين يعتبر الفيتو الروسي ضوء أخضر لارتكاب أعمال همجية…
“كان الاتحاد السوفييتي يلجأ باستمرار إلى استخدام حق النقض في الأمم المتحدة… لكن، وحتى بالنظر إلى الأهوال العديدة التي تسبب بها، فإنه تصرف بدرجة من العقلانية على الساحة الدولية. فقد استطاع الالتزام دوما بالاتفاقات حين رأى الأخطار التي يمكن أن تقوض الاستقرار الاستراتيجي… ولجأ إلى خفض التصعيد عند مواجهته وفضح نواياه… كما كان ينظر إلى سمعته العالمية.
“لكن لا ينطبق أي من ذلك على بوتين. حيث إننا نتعامل مع وغد يائس ليس لديه اهتمام بالأعراف الدولية.
“فزعماء مثل بوتين استنكفوا عن فرصة التغيير لخشيتهم أن يفقدوا السيطرة. بل عمدوا عوضا عن ذلك إلى استغلال عوائد النفط والغاز في دولهم لترسيخ سلطتهم وكسب نفوذهم في الخارج…
“لذا نحن اليوم بحاجة إلى مقاربة جديدة… مقاربة تمزج بين بين الأمن الفعلي والأمن الاقتصادي … مقاربة تبني تحالفات عالمية أقوى، وحيث تكون الأمم الحرة أكثر حزما وثقة بالنفس … مقاربة تقر بأننا نشهد عودة الجغرافيا السياسية…
“أوكرانيا تستحق لا أقل من جهود دولية بارزة لإعادة بناء بلداتها ومدنها، وإحياء صناعاتها، وتأمين حريتها على المدى الطويل. ونحن نضاعف جهودنا بهذا الصدد. وسوف نواصل العمل إلى ما هو أبعد من ذلك، وبسرعة أكبر، لدفع روسيا للخروج من كامل أراضي أوكرانيا.”
حلف الناتو
“لا بد وأن يكون لحلف الناتو نظرة عالمية، وأن يكون مستعدا لمواجهة التهديدات العالمية. علينا أن نتوقع التهديدات في منطقة المحيط الهندي-الهادئ، وأن نعمل مع حلفاء مثل اليابان وأستراليا لضمان حماية المحيط الهادئ. وعلينا أيضا ضمان أن تتمكن بلدان ديمقراطية مثل تايوان من الدفاع عن نفسها.”
الأمن الاقتصادي
أشارت وزيرة الخارجية في كلمتها إلى قطع جميع الروابط الاستثمارية مع روسيا، ووقف إصدار التأشيرات الاستثمارية. ودعت إلى ضرورة التزام جميع الدول بالقواعد، قائلة:
“هذا يشمل الصين. حيث لم تصدر عن بكين إدانة للعدوان الروسي أو جرائم الحرب التي ارتكبت. والصادرات الروسية إلى الصين ارتفعت بمقدار الثلث في الربع الأول من السنة الحالية.
“كذلك سعت الصين إلى إرغام ليثوانيا. وهي تعلق على من يجب أو لا يجب أن يكون عضوا في حلف الناتو. كما تعمل سريعا على بناء قدرات عسكرية قادرة على توجيه قوتها نحو أعماق مناطق المصالح الاستراتيجية الأوروبية.”
وقد حثت الوزيرة تراس في كلمتها على العمل في ثلاثة مجالات:
- دفاع أقوى – قائمٍ على زيادة الاستثمار الجماعي في الدفاع، بُغية تصحيح “جيل من عدم الاستثمار بالقدر الكافي، بحيث لا يقلّ الاستثمار عن 2% من إجمالي الناتج المحلي، وألا تكون هذه النسبة حداً أقصى”؛
- تعزيز الأمن الاقتصادي – خفض الاعتماد الاقتصادي على المعتدين، وتأسيس علاقات تجارية واستثمارية وعلمية وتقنية أقوى بين الحلفاء والشركاء؛
- بناء شبكة أقوى من التحالفات – حيث تلعب دول مجموعة السبع دوراً أقوى، كما فعلت خلال الأزمة الأوكرانية، وبناء شبكة من الشراكات الأمنية والاقتصادية الثنائية الأعمق والأكثر ترابطاً.