قالت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في لبنان أن تسريب النتائج الرسمية لامتحانات الشهادة المتوسطة لقرابة 56 ألف طالب وطالبة وما تضمنته من بيانات شخصية تشمل البريد الإلكتروني والهاتف الخلوي وغيرها من المعلومات، يشكل انتهاكاً فادحاً للحق في الخصوصية وحماية البيانات الشخصية. داعيةَ إلى اتخاذ التدابير اللازمة لوضع حد للأنشطة التي تنتهك الحق في الخصوصية الذي هو حق من حقوق الإنسان، ومشددة على أن نفس الحقوق التي يتمتع بها الناس يتعين حمايتها أيضا على الانترنت. ودعت الهيئة وزارة التربية والتعليم العالي وغيرها من الإدارات العامة إلى “احترام وحماية الحق في الخصوصية، بما في ذلك في سياق تخزين ونشر بيانات المواطنين، والامتثال التام لالتزامات لبنان بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وقالت الهيئة انها اجرت تحقيقاً سيبريانياً اولياً للملف الذي تم تداوله ويتضمن نتائج إمتحانات الشهادة المتوسطة وأسماء وبيانات شخصية لخمسة خمسين ألف وسبعمائة وثلاثة وتسعون طالب وطالبة، وتبين أن منشأ هذا الملف ومصدره يدعى ن.ه داعية وزير التربية عباس الحلبي وإدارة التفتيش التربوي إلى فتح تحقيق فوري بهذا التسريب وضمان محاسبة المسؤولين عنه وضمان عدم تكراره في نتائج امتحانات بقية المراحل التي ستصدر تباعاً وفي العام المقبل.
وتعتمد السلطات اللبنانية حاليًا بشكل متزايد على التقنيات الرقمية في عملية جمع البيانات الخاصة بالأفراد وتخزينها، إن لجهة إصدار جوازات السفر البيومترية والإقامات البيومترية الذكية فضلاً عن تحويل دفاتر السوق إلى رخص بيومترية. ومن الواضح أنّ السلطات اللبنانية تعمل على التوسع أكثر في هذا المجال وذلك عبر اللجوء إلى تقنيات لجمع بيانات إضافية عن الأفراد من خلال شركات خاصة. ويجري كل ذلك يجري في ظل عدم وضوح كيفية حماية هذه البيانات وطبيعة النظام الذي تخضع له ومدى حمايته لهذه البيانات وبالتالي حمايته لحق الأفراد في الخصوصية لا سيما مع حدوث حالات تسريب معلومات وبيانات على غرار ما حدث أمس.
ودعت الهيئة إلى ضرورة تعديل القانون رقم 81 تاريخ 10 تشرين الأول 2018 (اﻟﻤﻌﺎﻣﻼت اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ واﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﻄﺎﺑﻊ ذات اﻟﺸﺨﺼﻲ) بما يكفل من رفع مستوى الأحكام والإجراءات المتعلقة بتنظيم جمع البيانات الشخصية، وتحديد طريقة معالجتها وتخزينها واستعمالها، وضوابط تمريرها لطرف ثالث، مما يكفل حماية الخصوصية للأشخاص أصحاب هذه البيانات، ويعطي الحق لصاحب هذه المعلومات في مسألة تسليمها لطرف ثالث أو رفض ذلك.
خلفية:
الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في لبنان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب (NHRC-CPT) هي مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان مستقلة ومفوضة قانونياً، تعمل تمامًا وفقًا لمبادئ باريس. بموجب القانون رقم 62 بتاريخ 27/10/2016 (الجريدة الرسمية، العدد 52 بتاريخ 3/11/2016)، فإن الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في لبنان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب تؤدي مهامها في جميع المسائل المتعلقة بحماية حقوق الإنسان وتعزيزها في لبنان.
تعمل لجنة الوقاية من التعذيب ضمن الهيئة على حماية حقوق الأشخاص المحتجزين والمحرومين من حريتهم وفق أحكام هذا القانون، ووفقاً لالتزامات لبنان بموجب البروتوكول الاختياري «لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية والمهينة».تتولى اللّجنة بمفهوم البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب مهام آلية الوقاية الوطنية، وذلك لحماية حقوق الأشخاص المحتجزين والمحرومين من حريتهم، وتتمتع بالشخصية القانونية المستقلة في كل ما يتعلق بالتعذيب والوقاية منه.
للجنة أو لمن تنتدبه من أعضائها ومن يصطحبونهم من موظفيها أو المتعاقدين لديها الصلاحية المطلقة لدخول وزيارة جميع أماكن الحرمان من الحرية ومنشآتها ومرافقها في لبنان دون أيّ استثناء، وذلك بهدف حماية الأشخاص المتواجدين فيها من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاانسانية أو المهينة ومن التوقيف التعسفي والتعاون مع السلطات المختصة والحوار معها، لأجل تفعيل وتطوير القوانين والانظمة المتعلقة بالمحتجزين وأماكن الحرمان من الحرية.
خولت المادّة 27/ب من القانون رقم 62/ 2016 لجنة الوقاية من التعذيب “حق التواصل مباشرة مع اللّجنة الفرعية لمنع التعذيب التابعة للأمم المتحدة و موافاتها بالمعلومات عند الاقتضاء، كما لها أن تجتمع بها دوريا أو كلما دعت الحاجة”