استقبل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى رئيس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت الدكتور فيصل سنو الذي قال بعد اللقاء:مع اقتراب ساعة الاستحقاق الانتخابي في لبنان بعد أن تمّت عملية الاقتراع في دول المهجر، العربية منها والأجنبية ، يقف الناخب اللبناني أمام مفترق طرق مصيرية :
إما أن ينكفئ ويغلق على نفسه الأبواب يوم الاقتراع مكتفياً بالشكوى ، مستسلماً لليأس من التصدي للفساد وللمفدسين ومن القدرة على الأخذ بيد المصلحين من أبنائنا وهم كثر والحمد لله، وإما أن ينفض غبار اليأس ، وينتفض على مشاعر القرف ويبادر الى التوجه الى صناديق الاقتراع بثقة بالنفس ، متسلحاً بما تحمله ورقة الاقتراع من قوة تغييرية تحول دون استمرار الفساد ، وتعيد للوطن اللبناني صورته الناصعة ، وتجدّد له دوره في الأسرة العربية الواحدة، وفي العالم ، وطناً للعيش المشترك جديراً بالحياة ، ومنبراً مشعاً للسماحة والوفاق والأمل بالمستقبل الأفضل .
يستطيع المواطن اللبناني أن يثبت بمشاركته في الانتخابات وبسلامة اختياره للأصلح من المرشحين من أصحاب الأيدي النظيفة والإلتزامات الأخلاقية السامية من كل الأديان والمذاهب، أن لبنان الوطن، العربي الهوية والإنتماء هو وطن رسالة الأخوة والعيش المشترك ، وأنه وطن جدير بالحياة.
إن تفشيل محاولات تغيير هوية لبنان وليّ ذراع الدولة للهمينة على مؤسساتها ولفرض توجهات والتزامات تتناقض مع مصالحها العليا ، يبدأ من صندوق الاقتراع ، أولاً بالمبادرة الى المشاركة ، ثم بتحكيم الضمير الوطني لإختيار الأصلح من كل الأديان والمذاهب ، الذي يمكن ان يؤتمن على حمل رسالة الوحدة الوطنية . فالمرشح الفائز يصبح دستورياً نائباً عن كل لبنان وممثلاً جميع اللبنانيين .
من أجل ذلك فان دعوتنا الملحّة الى أهلنا والى أحبائنا للإقبال على ممارسة واجباتهم الوطنية بالمشاركة في عملية الاقتراع ، مبنية على أساس انه كلما ارتفعت نسبة المشاركة ، تكون النتائج أفضل لرفع مستوى حسن التمثيل بما يتوافق مع المصالح الوطنية ، وبما يقطع الطريق أمام تسلّق من لا يستحقّ للوصول الى المجلس النيابي من بوابة الإنكفاء أو الورقة البيضاء .
لقد مرّ المواطن اللبناني بالتجربة المرّة في السابق ودفع ثمنها ما يعانيه لبنان اليوم من انهيار، وتردٍّ وفشل ، وما يكابده المواطن اللبناني من مرارة وخيبات أمل .
اضاف: اننا نعيش في عصر التقدم العلمي ، ولم يعد للغوغائية والشعبوية واللعب على الغرائز طريق الى عقولنا وبالتالي الى قراراتنا فالتغيير لن يحصل كاملا وفورا وبالتمني، التغيير عملية جهادية مستمرة، فلا نضيع انفسنا ومستقبلنا في مشاريع وهمية مكلفة لا تمسنا ولا تغني عن جوع فالاستثمار المدروس هو افضل كثيرا من مشاريع وهمية لا تخلو من الغوغائية، ان من الواجب الاحتكام الى العقل والمنطق والتفكير الواقعي السليم وان نتوجه الي العلم والاخلاق ونبتعد عن الفساد والمفسدين من أي فئة كانوا. لقد تسببوا في الكارثة المأساة التي نعاني منها اليوم والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين . فلنكن من المؤمنين الذين يلتزمون بالدعاء الذي نردده متوجهين الى الله في صلاتنا اليومية : اهدنا الصراط المستقيم وليس صراط الفاسدين المغضوب عليهم ولا الضالين .
ولذلك فإننا نحذّر أهلنا وأحبّتنا من الوقوع في الخطأ مرة ثانية ، بالإنكفاء عن المشاركة في عملية الاقتراع . فالإنكفاء لا يصحّح خطأ ، ولا يعيد حقاّ مسلوباً ، ولا يقوّم انحرافاً أخلاقياً أو سياسياً . يكون التصحيح بالمبادرة الى اختيار الأصلح من بين المرشحين ، وهم كثر والحمد لله.
وتابع:إن جمعية المقاصد الخيرية الاسلامية عندما تدعو أهلها وأبناءها ومجتمعها ، واللبنانيين جميعاً الى المشاركة في عملية الاقتراع ، فذلك لإيمانها بأنها عملية تقرير مصير بكل ما للكلمة من معنى .
فالإنكفاء عن القيام بالواجب يوم الاقتراع هو تخلٍّ عن الواجب الوطني والأخلاقي ، خاصة بعد كل ما مرّ به لبنان من فساد ، وبعد كل ما كابده اللبنانيون من معاناة . وكلما ارتفعت نسبة المشاركة في الاقتراع تكون النتائج أفضل ليس فقط لرفع نسبة التمثيل الصحيح والسليم ، بل ولرفع نسبة حسن التمثيل وصدقيته في الدرجة الأولى .
وختم: إن الإنكفاء لا يصحّح خطأ ، ولا يستعيد حقاً ولا يحفظ كرامة ولا يصون وطناً . المشاركة الفعالة والكثيفة هي وحدها التي تفتح الباب للخلاص مما نحن فيه . ومن الخطأ الاعتقاد بأنها عملية شكلية عابرة ستتمّ بنا أو من دوننا . انها عملية تقرير مصير . وفي هذه الظروف الاستثنائية الصعبة فإن الإقتراع ليس مجرد حق ، ولكنه واجب .